السبت، 10 مايو 2008

وانت مالك


جرب تشوف حاجة غلط في أي مكان فيكي يا مصر وتفكر في إبلاغ المسئول عن هذا المكان أن هناك فساد وإفساد يجري من وراء ظهره . وصدقني لن تتعب كثيرا في العثور علي مظهر من مظاهر الفساد فهي أكثر مما تتخيل وموجودة من أعلي المستويات إلي أدناها ، من أرفع الوزارات وأهمها مرورا بالبنوك والشركات الحكومية وحتى أصغر فرن بلدي . سيدفعك حينها خوفك من أن تتحول إلي شيطان أخرس بما أنك ساكت علي الحق إلي نقل الحقيقية إلي رأيتها بأم عينيك إلي المسئول عن المكان هربا من تأنيب الضمير لكنك ستفجع برده عليك ، سيقول لك بكل برود " وانت مالك " وربما يتهمك بأن دافعك للشكوى حقد دفين تجاه زملائك الشرفاء دفعك إلي الافتراء عليهم بما ليس من شيمهم بتخيل أشياء لاتحدث علي أرض الواقع .. يعني اعرض نفسك علي دكتور من الآخر .
هذه الجملة الصغيرة " وانت مالك " تحمل علي بساطتها الكثير من المعاني وتلخص حال البلد وأحوال القائمين عليه ، فهذا المسئول الذي أفحمك بهذه الجملة إما أنه يحمي الفساد ويحتمي به .. وله من الغنيمة جزء يدفعه إلي الدفاع عن الفساد بكل ما أوتي من قوة لأن كشف الفساد يعني كشفه هو بطبيعة الحال حيث أنه جزء من المنظومة إن لم يكن رأسها . أو أنه حقا لا يدري ما يحاك من وراء ظهره وما يتم من تجاوزات دون علمه لكن العزة تأخذه بالإثم وتمنعه من تقبل النصيحة منك أن العبد الفقير وهو رب هذا المكان فإن كان هناك فساد فليبقي علي حاله حتي يقوم بكشفه بنفسه .. أو لا يقوم بذلك حسب مزاج سعادته .
ربما يثور ذهنك لما حدث وتشطاط غيظا لما سمعت وتتهدم قناعاتك السابقة بأن الإحسان دوما لا جزاء له إلا الإحسان ، فتقرر أن تفاتح أهلك وأصحابك فيما جري من خطب فتصعق حينما تسمع منهم نفس الكلمة " وانت مالك " بدافع خوفهم عليك من الدخول إلي عش الدبابير وبمنطق أنهم يعرفون أكثر منك ويعلمون تماما أن من يتدخل فيما لا يعنيه فيها يلقي كل مالا يرضيه ربما تزيد قناعتك وقتها بما سمعت ورأيت وتقولها لنفسك بدورك .. " وانت مالك ؟! "
والمشكلة الحقيقية أنه مالك حقا ، فلو علم البني آدم أن واقعة فساد صغيرة جرت أحداثها في مكتب بريد حقير في كفر محدوف من كفور مصر يؤثر علي قوته وقوت عياله لأكل المتسبب فيه بأسنانه وأخرج ما ابتلعه هذا الفاسد من أمعائه .. لكن هذا لا يحدث ويحمد كل منا ربه مادامت المصيبة ابتعدت عن غرفة نومه .. وهذا يدفعه إلي إيثار السلامة وعدم التدخل فيما لا يعنيه ، المشكلة أن الفساد لن ينتهي بغير مكاشفة والمكاشفة لن تأتي بغير جرأة والجرأة لن تولد بغير إيمان بالقضية وإحساس بالمسئولية ووخذ في الضمير حال السكوت .

الغريب حقا أن مصر باتت تألف الفساد وصار الموظف الشريف والمسئول غير المرتشي مثار غرابة وتوقف وأحيانا سخرية ، ينظر إليه الناس وكأنه من كوكب آخر ويفترضون أن له غرض آخر خلاف تعففه لأن افتراض سوء النية بات هو الغالب والشريف في هذا المناخ المنقوع في الفساد صار غريبا . والأغرب أن من يقفون علي عجلة قيادة سفينة الوطن يحركونها ويتلاعبون بمصير ركابها وينتظرون تضحيات الآخرين ويعتقدون أنهم آخر من يمكن الاستغناء عنهم وأن السفينة من دون مجهوداتهم غارقة لا محالة – ينسون أنها تغرق الآن وهم علي ظهرها ! _ وهم نفسهم من أثقلوا السفينة بكروشهم وعروشهم وكبسوا علي أنفاس ركابها حتي ضاقوا بهم ذرعا .. نعلم أنهم غير مستعدين علي ترك السفينة حتى تختفي تماما في الماء ويتأكدوا أنها انقطع منها الرجاء فيقفزوا منها إلي غيرها عن طريق لنشات أعدوها مسبقا لهذا اليوم . نريد ربانا جديدا أقدر علي مواصلة المسيرة إلي بر الأمان ، نتطلع إلي قائد ماهر يضرب كرباج ورا يسقط به المتشعلقون خلف حنطور الوطن والمؤثرون علي مسيرته !!
نطالبهم بالتوقف عن ادعاء التضحية بالغالي والنفيس والفسح والمولات والسينمات بعد أن أثقلتهم هموم السفينة ومطالب ركابها . ونريدهم أن يعلموا أن هناك كثير من الركاب محرومون كذلك من دخول السينمات ليس بسبب ضخامة المسئولية ولكن لأنهم لا يجدون ثمن التذكرة !!!

هناك تعليقان (2):

ROMIL يقول...

"وانت مالك"

تحياتي

ROMIL

تامر أبوعرب يقول...

روميل أهلا بيك في المدونة
عايز شوية دعاية وتسييح ملهومش حل