الثلاثاء، 15 يوليو 2008

الثانوية العامة .. وهم صنعناه وصدقناه

بكاء .. صراخ .. زراغيد .. أفراح .. لقاءات تليفزيونية .. طالبة مبتسمة تقول : نجحت بمجهودي ، وعمري ماخدت درس حصوصي ، والامتحانات جاية بالنص من كتاب الوزارة .. تنهي كلامها فتخرج أمها - التي ترغب في الظهور بالتليفزيون - فتقبلها في خدها ثم تطلق زرغودة علي الهواء .. زحام شديد أمام محلات الـ " كوفي نت " شاب يصرخ بقوة : اتنتين واربعين واحد وتمانيين تلاتاشر . . ياللا ياعم أنا واقف من بدري . تخرج له رأس انسان من وراء شاشة الكمبيوتر ويقول له صاحبها : بالراحة ياأستاذ ، في ناس جاية قبلك ، والناس كلها مستعجلة . أم تخرج ببنتها من أمام الكافيه وهي تحضنها ، والبنت غارقة في البكاء وأمها تواسيها : معلش ياحبيبتي .. ان شاء الله تعوضي السنة الجاية .
فيلم مكرر لا نمل من مشاهدته أسمه الثانوية العامة ونتيجتها ، لكني أسألك وأعلم أنك مررت بهذه المرحلة : أليست هذه الثانوية أكذوبة كبيرة ؟
إخترعناها لأنفسنا وظننا أن فيها الخلاص دون أن نعلم أننا نهدم معبد الآمال علي رؤوسنا أول ما نهدم . " الثانوية العامة " مجرد حلم يراود أبناء الفقراء .. الأغنياء لايعنيهم هذا التفوق لأنهم إن أخفقوا في ثانويتهم فلديهم الأكاديميات المتخصصة والجامعات الخاصة التي لايقدر الفقراء علي ثمن كتاب واحد فيها لذلك فهي تعني لابن الموظف الفقير والفلاح الكادح والعاطل الأجير ، كل شئ
يعتقد أنه عندما يحمل لقب " دكتور " أو تسبقه كلمة "مهندس" ستنتهي مشكلاته وتتواري معاناته ويخلص من بين فكاك الطبقة الدنيا ويحلم بأن يكون الطوق الذي ستتشعلق فيه عائلته للنجاة من الغرق في بحر الحرمان .
عزيزي طالب الثانوي .. يؤسفني أن أبلغك بأنك واهم .. الثانوية ليست طريقك للخلاص ، وكليات الطب والهندسة والصيدلة والإعلام والألسن والإعلام والسياسة والاقتصاد ليست طريق الرجاء لكنها تهيؤات السراب .
أبدو متشائما بعض الشئ ..؟ وليكن
أبدو متشائما كثيرا ..؟ موافق
لكنها الحقيقة التي لابد أن تعرفها قبل أن تتشعلق في أحبال الأمل الدايبة ، وإن كنت لاتصدقني أو تعتقد أني معقد فانظر إلي الأطباء الواقفون منذ عام علي أبواب نقابتهم بشارع القصر العيني للمطالبة بكادر يمنحم مئات محدودة من الجنيهات شهريا ، واسأل الصحفيين عن أحوالهم وتمرغهم في تراب صاحبة الجلالة من أجل التعيين بـ 225 جنيه ، ودخول النقابة للفوز بالبدل ، وتابع خريجي كلية السياسة والاقتصاد الذين ترفضهم الخارجية لأنهم "مش ولاد ناس"
وتنهرهم المؤسسات الاقتصادية لأنهم فقراء لايجوز أن يتعاملوا في الملايين ، وتحسر علي الصيادلة وهم يقترضون من طوب الأرض لافتتاح صيدلية في شارع جانبي يبيعوا فيها شريط ريفو وسرنجتين .. وإن لم يجدوا – وهو الغالب – يضطرون إلي العمل في صيدليات غيرهم للعمل كـ " بقالين " مقابل 600 جنيه شهريا .
أحبطتك .. أنا آسف
هدمت قناعاتك .. اعذرني ، لكنها الحقيقة التي أردت أن أضعها أمام عينيك في خضم فرحتك بالتفوق أو صدمتك بالفشل . لاتقلق فالمستقبل لايرتبط بالثانوية العامة بشكل كامل ، ولا تعتبر شهادتها مؤشرا لما سيكون عله شكل مستقبلك .
فالمستقبل بيد الله ثم في عقلك ويديك .. بهم النجاح وفيهم الفشل الدائم اعتمد عليهم فهم مستقبلك كله .. وأخيرا لك الله ياصديقي !!

هناك 3 تعليقات:

ROMIL يقول...
أزال المؤلف هذا التعليق.
ROMIL يقول...

ايه الجمال ده يا مان ؟
أنت حطيت أديك على البلف بس للأسف الليلة كلها مخرمة
بس أحلى حاجة في المسلسل دا أن أبطاله بيتغيروا كل سنه وكله مستني الدور
تحياتي يامان
فينك صحيح
أسأل علينا مكانش عيش وبسطرمة
سلام يا تاكي

alzaher يقول...

لازلت أذكر ذلك الرسم الكاريكتوري للفنان الراحل صلاح جاهين
"كلها أخبار عن كوارث، زلازل، فياضنات ، إمتحانات ثانوية عامة"
:)